ما بين كنيسة العراق و كنيسة فلسطين

بينما كنت أجلس فىمنزلى أتطلع إلى ركن فيه و أشعر بالحنين و السعادة و أنا أجول فىذكرياتى مع كل قطعة و متى استقرت فى مكانها و هل حملت يومها رسالة حب أم رسالة اهتمام ..و بينما أنا أهيم فى هذه اللحظات طالعت عينى صور تهجيرات أقباط الموصل و كيف أجبروا على ترك منازلهم بهذا الشكل المهين القاسى و هنا شعرت بكل أم و جدة و تخيلتها و هى تجلس فى منزلها – كما كنت أفعل منذ قليل – و فكرت فيها و فيم كانت تفكر ؟؟؟هل استطاعت أن تترك هكذا بسهولة ؟؟؟ هل كان الخروج و الترك سهلا ؟؟؟ ما هى القوة التى ساندتها وقتها ؟؟؟ هل هى " وعود سمائية " ؟؟؟ هل الرغبة فى تنفيذ الوصية ؟؟؟ هل هو هذا الشىءالذى يملأ قلوبنا و لا نراه لأنه هو نفسه معناه " الإيقان بأمور لا ترى ؟؟ " .... هل هذا الشىء هو الإيمان ؟؟؟هل هو نفس الإيمان الذى ساعد دانيال و الفتية الثلاثة على نفس الأرض من ألفي سنة و أكثر؟؟؟؟هل هو الثقة في وجود " الرابع " شبه ابن الإنسان و الملائكة الذى رافق الفتية فى آتون النار؟؟؟الحقيقة لا أعلم السر و لا أتباهى بأننى أعلم ....
و لكن ما أعلمه جيدا ... أن هناك شيئا ما فى قلوب مسيحييى الشرق يعطيهم القوة ليكونوا دائما على مر الأجيال حفظة الإيمان.
فعندما ننظر الى مشاهد و أسر عائلات العراق و هى راحلة تاركة وراءها الحياة و الذكريات و الثروات ندرك تماما أن هناك قوة كامنة بداخلهم ، قوة عاتية تغلب طبائع الإنسان من حب الامتلاك و التعلق بالغنى و الثروات ... قوة تعضدك فتقف أمام أرهب الجيوش و أعنفها ... لتعلن بكل بساطة و إيمان " أنا مسيحى " و لو هجرت و نهبت ثرواتى و أموالى بل و كل حياتيإنهم أصحاب " النيروز الجديد " من قدموا كل ما لهم حتى أرواحهم فداء لربهمو لو عدنا و تحدثنا عن هذه " القوة " التى ساعدت كل هذه الآلاف ليأخذوا قرارهم بشكل نهائى و جماعى لأمكننا أن نسميها ب " الثمن المدفوع " ...
فلكى أترك بيتى و أرضى و عمرى و سني حياتى  لابد أن يكون هناك ثمن غال قد دفع لى ... و لن يكون هذا الثمن إلا " دم المسيح " ، دم المسيح الذى يسند القلوب و يشبع الروح و يقوى القلب و يغمره بهذا الشىء الغامض الذى نسميه " الإيمان " ...
الإيمان بإننى أترك لأجل ما هو أثمن و أغلى ...
و العجيب أنه فى ذات الوقت كما تمجدت كنيسة العراق بغلق أبوابها تتمجد كنيسة فلسطين بفتح أبوابها
فها العالم كله يشاهد كنيسة غزة بفلسطين تفتح أبوابها لكل من تشرد و فقد بيته فى العدوان الأخير .
إن كلا من الكنيسيتين تؤكد لنا و بشدة أننا فى أيام خير و مجد و بركة، فالعام الماضى قدمت كنائس مصر المحروقة معزوفة حب لمسيحها المذبوح على الصليب ... القائم المنتصر من القبر ، و هذا العام تقدم الذبيحة كنيسة العراق و تتبعها كنيسة فلسطين بتنفيذ الوصية و تقدم ... الحب ... كل الحب بلا شرط و تفتح أبوابها لكل محتاج ... أنظروا كيف تجتمع كل من الذبيحة و الحب فى تناغم غريب متفرد لم نكن لنراه لولا صليب رب المجد .
فما أحلاك يا كنيستى .. فكنيستا العراق و فلسطين و هما ترزحان و تئنان تحت آلام الترك و الموت تتألقان و تنيران بأجمل رسالة بذل و حب ستتناقلها الأجيال جيلا و راء جيل .
و يوما ما  ستكتب كتب التاريخ الخبر التالى :
" أنه بينما تعرضت كنيسة العراق لأبشع ويلات الاضطهاد و تم تخيير مسيحيى الموصل بين إنكار المسيح أو التهجير و القتل و الموت ، اختار مسيحيو الموصل اسم المسيح و خرجوا لا يحملون شيئا و هم يعانون و يلات الذبح و القتل و قد انتصروا لاسم المسيح المدعو عليهم ..... و بينما كانوا تائهين فىبرارى الجبال كانت كنيسة فلسطين تفتح أبوابها لكل مشرد من الحرب فقد منزله ....الأولى قدمت ذبيحة إيمان و الثانية قدمت رسالة حب ... "و ما بين الإيمان و الحب تعيش كنيستى بهية على مر العصور
....

هل اعجبك الموضوع ؟

شارك معنا بتعليق حول الموضوع

No comments :

Post a Comment

كل

هانى وديع

اعمده الرأى

جميع الحقوق محفوظة المحترف للمعلوميات ©2012-2013 | ، نقل بدون تصريح ممنوع . Privacy-Policy | أنضم إلى فريق التدوين